عن فضيحة مسودة التعديلات على عقد العمل الموحد للعاملات الأجنبيات... الإرث كاملًا والخادمة "حبّة مسك"؟

خاص ON | باميلا فاخوري | Friday, February 11, 2022 1:01:00 PM

باميلا فاخوري


يقال إن لبنان تحكمه الديمقراطية التمثيلية من حيث أن شعبه قرر بنفسه وعن نفسه من يأتمن على صالحه. والحال أنّه قد قيل ما قيل، فما بالكم من شعبٍ تنهمر عليه الأزمات والانتهاكات من كلّ حدبٍ وصوب من غير مظّلةٍ تدعى القانون تحميه من تعسّف مسؤولين يفصّلون ويخيطون قوانين ويمررون تنفعياتٍ من هنا وهناك، واستقواء هذا الضعيف على من هم أضعف منه. ولا نغالي إذا ما قلنا إنه شعبٌ مريض وفاشلٌ بشهادة. فيا أصحاب الشهادة بحقّككم كيف لكم أن تسقطوا ما يمارس عليكم من استعبادٍ مقنّع فتترجمونه استعبادًا واسترقاقًا بحقّ عاملة، تركت كلّ ما لديها لأجل حفنةٍ من الدولارات تمنحها لعائلتها وثمن مذلّة؟! شكرًا لكرمكم الزائد ولإبداعاتكم وأفكاركم البنّاءة وقوانينكم واقتراحات قوانينكم المفيدة لعلّ منظّمات حقوق الإنسان تستوحي منكم وتستلهم وتتعظ!

هنالك ممن سمع وهنالك ممن لم يسمع عن آخر إبداعات مسودة جديدة لعقد العمل الموحد للعاملات الأجنبيات والتي تتضمن بنود "خنفشارية" أبرزها توريث عقد عمل العاملة الأجنبية إلى ورثة صاحب عملها في حال وفاته. اقتراح غريبٌ وساقط ، الله أعلم أيّ عقلٍ استوحاه ورأى فيه فكرةً عظيمة تصلح لأن تتصدّر عقدًا أو قانونًا. واقتراحٌ كهذا، بالإضافة إلى جملة اقتراحات جائرة في تلك المسوّدة والتي قيل إنها من إعداد وزير العمل مصطفى بيرم (وقد تبين غير ذلك) بالإشتراك مع "كارتيل" مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات في لبنان استنفر 15 منظّمة حقوقيّة لبنانية لإصدار بيانٍ أرسلته إلى الوزير رفضًا وتنديدًا بها وبظلمها وإجحافها.

وتلحظ المنظمات الحقوقية في بيانها المعنون" إلى وزير العمل... أوقفوا هذا الخطأ" في نقطتها السادسة في العقد الجديد "استمرارية العقد لصالح الورثة في حال وفاة الطرف الأول، ما يظهر نظرة تملّكيّة تجاه الطرف الثاني. فالعاملة تنتقل ملكيّتها للورثة كأي أملاك خاصّة أخرى".

ماذا يعني بند استمرارية العقد لصالح الطرف الأول؟
البند يعني ببساطة أنّ العاملة الأجنبيّة باتت مرغمةً على العمل لدى الورثة شاءت ذلك أم أبت ولا قرار لها بذلك لأنّ الغلبة للطرف الأول اي الورثة. بغضّ النّظر عمّا إذا كان هذه المسوّدة مجرّد اقتراحٍ، فإنّه يبقى اقتراحًا له تداعياتٌ جمّة وخطيرة إذا ما أخذ على محملٍ من الجدّ. فهذه الفكرة إن دلّت على شيء فإلى عودة الاسترقاق الفعلي (ذلك أنه يمارس في العالم بالسبل المقنّعة) التي أزالته الثورات العالمية الكبرى.
موقع lebanonOn، سأل وزير العمل مصطفى بيرم عما عنده من مبررات وأجوبة على هذه الحملة التي شنّها الحقوقيون ضده.

في هذا الإطار، قال الوزير مصطفى بيرم في حديثه لموقعLebanonOn : "النسخة المتداولة لاقتراح تعديلات على قانون العمل الموحد للعاملات الأجنبيات واحدة من بين نسخ واقتراحات عديدة كانت تردني وأشدد على أنّ هذه المسودة غير رسمية والدليل أنه لو كانت رسمية كنت سأصدرها. والنسخة الرئيسية في حوزتي وأنا لم أقدم على هذا الشيء. وأنا لم أقدم على أي حوار إلا وكان منتظمًا من مثل الحوارات مع منظمة العمل الدولية".
وقال: "مدرستي الأخلاقية تحرص قبل كلّ شي على الإنسان، وصون الكرامة الإنسانية من ثوابتي".
واستغرب بيرم ما اعتبره "نارًا مفتوحة" عليه من قبل المنظمات الحقوقية المستنفرة و"التي لم تتكبد عناء الاستفسار ومساءلتي والاستيضاح مني قبل أن تبدأ حملتها".
وكشف أنّه فيما بعد طلبت إليه هذه المؤسسسات موعدًا للنقاش وأضاف: "سألتقي بهم الأسبوع المقبل".
وعاد وكرر ما مفاده أنّ "النسخة المتداولة للعقد لم تصدر عني وهي اقتراحات وردتني وجلّ ما قمت به هو صياغة ما وردني على أوراقٍ تتضمن "لوغو" وزارة العمل وأنا لا أتبناها ولا تعبّر عنّي".
وبالحديث عن نظام الكفالة، لفت الوزير بيرم إلى أنه حصل على إشادة من منظمة العمل الدولية لأنه أوقف الترخيص لمكاتب استقدام العاملات الأجنبيات كونه وجد فيه شبهة الإتجار بالبشر على الرغم من الوساطات التي تحركت في هذا الإطار.
وردًّا على سؤال حول عمل المكاتب الحاليّة في ظلّ هذا القرار وما يعنيه أجاب: " المكاتب الحالية تعمل بشكلٍ طبيعي ولا يمكننا أن لا نلبي الطلب وإن كانت هذه المكاتب بعددها تتخطى حاجة الطلب اللبناني".
وأضاف: "حاولت قدر المستطاع أن أتلافى المزيد من افتتاح المكاتب وأنا دائمًا في حالة ترصّد وترقّب لما يصدر عن اي مكتب من شأنه أن ينتهك حقوق العاملات أو أي ممارسة تعسفية بحقّهنّ في أيّ وقتٍ كان".

في سياق متّصل، استنكر وزير العمل السابق كميل أبو سليمان في حديثٍ لموقع LebanonOn فكرة توريث عقد عمل العاملة الأجنبية. وقال: " العاملة الاجنبيّة ليست سلعة وأنا عملت إبّان ولايتي في الوزارة على عقد العمل الموحد لإلغاء نظام الكفالة بالإشتراك مع 5 منظمات حقوقية فضلًا عن منظمة العمل الدولية والذي طوّرته من بعدي الوزيرة لميا يمين وتقدّمت هي به والذي قوبل بطعنٍ من مكاتب استقدام العاملات الأجنبيات أمام مجلس شورى الدولة".
ورأى أنّه كان ينبغي أن "يتفاعل المعنيون أسرع مع هذا الاقتراح وعلى الوزارة اليوم أن تعمل على إلغاء نظام الكفالة ".
ولفت أبو سليمان إلى أنّ الوزير مصطفى بيرم كان قد نفى جملةً وتفصيلًا هذا البند وأمل ألا يكون هذا البند صحيحًا لأنه يطرح مشكلةً أخلاقيّة كبيرة وإنسانية.
وأشار أبو سليمان إلى أنّ "عدم إلغاء نظام الكفالة إلى اليوم يصطدم بالدرجة الأولى بالإهمال والتقاعس على غرار كل الملفات العالقة في هذه الدولة".
وأسف لانّ "المعركة الحقوقية لم تنته في حين أنّ الوزيرة لم تستطع استكمال عملها فيها بخاصّةٍ بعد استقالة الحكومة".
واستغرب "الحجج المعطاة للتقاعس والمماطلة في الإنجازات أيًّا كانت طبيعة الحكومة أكانت حكومة انتخابات أم غيرها أمام مسألة أخلاقيّة شائكة".

بأيّة حال، إذا كان بند التوريث مجرّد فكرة تسللت إلى عقلٍ يفتقر إلى الإنسانية كائنًا من كان قد راودته، فإنّ نظام الكفالة يبقى الركن الأساس الذي تستوي فوقه وتتراكم الإلتواءات القانونية، وأول خطوة حقيقية نحو صون حقوق العاملات الأجنبيات يجب أن تتظهّر في مجلس النواب قانونًا كاملًا متكاملًا وعادلًا كما في إقفال مكاتب استقدام العاملات الأجنبية والتي يبدو اليوم أنّ لا مجال للإقدام عليه لأنّ فيه إضرارًا بمصالح كثيرين بحجّة "الّا نخرب بيوت الناس". فعن أيّ إنسانٍ نتكلّم إذا ما كان هو نفسه يؤمن بتسليع البشر وتشييئهم؟

 

 

فيديو اليوم:

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا