مارون يمّين - خاص LebanonOn
يبدو أنّ العلاقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والولايات المتحدة الأميركية عادت مرة جديدة لتتوتّر. هذا ما تناقلته الصحف قبل أيام حيث نقل زوار السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا إمتعاض الولايات المتحدة الأميركية وإنزعاجها من ما وصفته بـ"إتهامات" الرئيس عون لها بالتأثير في العملية الإنتخابية التي ستحصل في شهر أيّار المقبل.
ونقلت المصادر عبر إحدى الصحف أن ما قام به الرئيس عون وما صرّح به أمام السلك الدبلوماسي مؤخرا هو خطوة غير مسبوقة على المستوى الدبلوماسي، وهو ما تعتبره واشنطن تجاوزا لكل ما سبق من اتهامات.
وعن هذه العلاقة يقول الصحافي والكاتب السياسي أسعد بشارة في حديث لموقع LebanonOn أنّ "هذه العلاقة لم تكن يوما جيدة، ويرجع ذلك طبعا إلى الخيارات التي لجأ إليها الرئيس عون قبل وبعد الرئاسة هي غير مقبولة لا على المستوى الدولي، ولا على المستوى العربي، لأنّها تضع لبنان في حضن ايران، وهذا السبب الأساسي لتوتر العلاقة بين عون واميركا".
ويضيف: "أمّا موضوع أنّ الرئيس عون يتّهم اميركا أنّها تتدخل بالانتخابات، فهذه آخر البدع"، لافتا إلى أنّ "من يفرض نتائج الانتخابات هو حليفه حزب الله؛ ومن يعطل نتائج الانتخابات المقبلة هو حزب الله.. ليت الرئيس علّق على كلام ما قاله مسؤولون في حزب الله مؤخرا بأن الانتخابات لن تغير أي شيء.. كيف لن تغير اي شيء؟ يعني انهم يقولون (لن نعترف بنتائج الانتخابات حتى لو صار هناك اكثرية اخرى، لن ندعها تحكم او تشكل حكومة)؛ فإذا الرئيس عون يغطي سلاح حزب الله، الذي بدوره يعطّل الحياة السياسية في لبنان".
ورأى بشارة أنّ "لجوء الرئيس عون الى هذه الاتهامات، هو لأنّه يشعر بأن الجو الشعبي ليس مؤاتيا لإنتاج كتلة نيابية له بحجم التي حصل عليها في انتخابات 2005 وانتخابات 2018، لأنّ هناك انكشاف كبير لسياسته والنتائج التي ادت الى انهيار البلد"، معتبرا أنّ "الرئيس عون يضع أعذارا مسبقة للخسارة التي ستلحق به في الانتخابات المقبلة، وهذا هو هدفه، لذلك يقدّم حججا وذرائع لتبرير هذه الخسارة، وأن هذه الانتخابات ستحصل على طريقة أن هناك غولا أجنبيا يتدخل بالانتخابات ويحدّد النتائج وهذا غير صحيح على الاطلاق".
مفاوضات الترسيم على نار حامية
وفي سياق آخر، كان للرئيس عون تصريح لافت عن عودة المفاوضات في ملف ترسيم الحدود البحرية على نار حامية، فما هي آخر المعطيات عشية زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين المعني بالوساطة بين لبنان وإسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية؟
يشير الصحافي أسعد بشارة أنّ آخر ما إنتهت اليه المفاوضات هو "الإمتناع عن تأكيد ان كان هناك حق لبناني اكثر في موضوع المفاوضات والتي ربطت ايضا بقصة العقوبات على جبران باسيل وغيره، بمعنى مساومة رفع العقوبات الاميركية عن جبران باسيل مقابل مرونة لبنانية في التعاطي في ملف ترسيم الحدود"، مؤكّدا أنّ "هذه الطريقة لا مفعول لها في العلاقات الدولية والمطلوب اليوم من لبنان موقف واضح بموضوع ترسيم الحدود بما يقبل به وبما لا يقبل به وعدم ربطه بأي قضية أخرى".
ويضيف: "الواضح ان عملية الترسيم ليست ملفا لبنانيا داخليا للأسف، بل هي ورقة تبدأ في جنوب لبنان وتنتهي في طهران، وهذا لأن حزب الله هو الذي يقرر وليس رئيس الجمهورية، يعني أنّ ايران تستعمل كل هذه الاوراق عبر حزب الله وبالتالي اذا اتى هوكشتاين وطرح اي معطى عملي للتفاوض على اساس خط الترسيم الذي طرح وفق المبادرة الاميركية السابقة، يجب ان يكون للبنان جواب في هذا الموضوع مبني على وقائع وخرائط لتثبيت حق لبنان في هذه القطعة البحرية التي تحتوي على ثروات هائلة من الغاز".
وفي إطار التغيرات الإقليمية، نقل مراقبون عن جهات دولية قولهم بأن هناك طرح من أجل تسليم حزب الله سلاحه مقابل إنسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وسواها من الاراضي المحتلة، ودخول قوات اليونيفيل اليها الى حين تسوية حدودها بين لبنان وسوريا. لكن بشارة استبعد كليا تحقّق هذا الطرح، لأن بحسب رأيه "حزب الله هو اقوى ذراع لايران في المنطقة، وهي بالتالي لن تتنازل كون حزب الله حزب مسلح تستعمله في لبنان وسوريا والعراق واليمن، بالتالي هذه ورقة ايرانية".
وتابع: "لو يوجد حد ادنى من المسؤولية عند ما تبقى من المسؤولين، كان يمكنهم التعويل على هذا الإقتراج ودرسه، فهو مفيد للبنان إذ يعني يمكن استرجاع ارض والتحكيم عليها دوليا وترسيم حدودها، الأمر الذي يحفط لنا مصلحة وطنية.. وفي الأساس الجيش اللبناني يجب ان يكون على الحدود وليس او قوة اخرى".
وأردف: "انا استبعد هذا السيناريو في ظلّ الوقائع وموازين القوى الحالية".
ماذا عن سيناريو "المثالثة" برعاية فرنسية؟
لفت بشارة إلى أنّ "طرح موضوع المثالثة جرى في مؤتمر فرنسي قبل سنوات، وأعاد تقاسم المواقع داخل الدولة على اساس جديد. وأعتقد ان هذا المشروع قائم، وأصحابه لا يفصحون عنه، كما أعتقد ان الطرف الذي يريده ويعطل النظام من اجله ترك حليفه التيار الوطني الحر يطرح هذا الموضوع من باب "تعديل النظام"، حتّى متى جلس الجميع على الطاولة، فإنّ الأقوى ومن يملك السلاح يفرض إرادته، وهناك رغبة فرنسية بذلك لكن ليس وقتها الآن".