سجّل سعر صرف الدولار مساء أمس، ولأوّل مرة في تاريخ لبنان، رقما قياسيا جديدا، حيث وصلت التسعيرة في أولى ساعات المساء الى 26100 ليرة للدولار الواحد. الخبراء الإقتصاديون يؤكّدون مرارا وتكرارا أنّ لا سقف للدولار، وهو مرشّح للإرتفاع في أي وقت كان.
وجاء تعميم مصرف لبنان الأخير المتعلق بقيمة اللولار، والذي بموجبه أصبح يحقّ للمودعين سحب دولاراتهم من المصارف وفق سعر 8000 ليرة بدلا من 3900 ليرة ليزيد الطين بلّة. ويرى خبراء إقتصاديون أن مثل هذا القرار في ظلّ غياب خطة نقدية، وسياسة مالية واضحة من شأنه أن يفاقم الأزمة أكثر فأكثر.
إذا مرحلة الإنهيار الجديدة قد بدأت مع الإرتفاع الصاروخي لسعر الصرف الذي سينعكس حتما على أسعار المشتقات النفطية، والأدوية، والسلع الغذائية، الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقية على أبواب السنة الجديدة.
وفي عملية إحتسابية زوّدنا بها الخبير المالي والإقتصادي خليل خوري، نجد أنّ سعر صرف الدولار سيصل إلى 30 ألف ليرة وأكثر في نهاية العام الحالي. وهذا السعر مرشّح أكثر بالإرتفاع ما لم تتخذ الحكومة، وحاكمية مصرف لبنان الإجراءات اللازمة للجم الإرتفاع الكبير في سعر صرف الدولار,
ووفق الرسم البياني أدناه، نجد أنّ قفزة الدولار الشهرية ستتراوح بين 3 آلاف كحدّ أدنى، و5 آلاف كحدّ أقصى، إلى أن يصل الدولار الواحد إلى 49 ألف ليرة منتصف السنة المقبلة، و66 ألفا و500 ليرة في نهاية العام 2022.
ويؤكّد الخبير المالي والإقتصادي خليل خوري، في حديث خاص لموقع LebanonOn أنّ هذه العملية الحسابية أخذت بعين الإعتبار دخول الدولارات إلى لبنان وخروجها منه بسبب العجز في ميزان المدفوعات. ولحظت أيضا الأموال التي تأتي على شكل حوالات خارجية وفق تقديرات هي أقرب إلى المنطق؛ لكن، وبحسب خوري لا تأخذ بالحسبان هذه العملية الحسابية أيّ أزمة سياسية أو تعطيل حكومي أو هزة أمنية، التي أصبحت جميعها عوامل تؤثر في سعر الصرف، وبالتالي من الممكن أن يصبح الوضع أسوأ بكثير من الأرقام التي يُظهرها الرسم البياني.
وعند سؤالنا عن الخطوات السريعة التي يُمكنها أن تكبح جماح سعر الصرف بعيدا عن الإصلاحات التي تأخذ وقتا طويلا لتنفيذها، يقول خوري إنّ "الإصلاحات ضرورية، ومن دونها لا يمكننا إتمام المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا إعادة هيكلة الدين، ولكن اذا أردنا التفكير بطريقة بنّاءة أو سريعة أكثر، فلدينا 3 محاور يمكن العمل عليها".
وفنّد خوري هذه المحاور على الشكال التالي:
-إدارة موازنة الدولة من دون عجز: تصفير العجز، فلطالما هناك عجز، والدولة تطبع الأموال، سيخلق هذا المسار تضخما إضافيا، وهذا بدوره يؤثر على سعر الصرف.
-التماشي أو التوافق مع صندوق النقد أو البنك الدولي، لأن هذين الطرفين يمكنهما إدخال عمولات أجنبية إلى لبنان عبر مساعدات أو قروض أو أي برامج أخرى يمكننا العمل معها، حتى لو كانت ديون لأن الدولارات من هذه الأطراف ستُتَرجم في الأسواق، وستصبح جزءا من السيولة في البلد وهذا يساعد على المحافظة على سعر الصرف.
-خلق نوع من الإستقرار السياسي لتشجيع المغتربين للعودة الى لبنان ومعهم الدولارات. كما إنّ الفائض في الحوالات الخارجية يمكنه ان يساعد جدا في الحفاظ على سعر الصرف.