باميلا فاخوري
يراهن العديد من اللبنانيين على أموال صندوق النقد الدولي لإنقاذ لبنان من الثقب الإقتصادي الاسود؛ واليوم يبدو أن ملفّ المفاوضات معه عالق بين أتون القطيعة الخليجية مع لبنان والشروط القاسية التي يفرضها الصندوق، ناهيك عن الإنهيار الداخلي الواقع على أهواء رقصة الدولار الذي يقفز طلوعًا ونزولًا.
والسؤال أين لبنان من مراحل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؟ وما هي الشروط السياسية التي سيفرضها؟ هل من مساومات في المدى المنظور؟ وعلى أي سعر صرف ممكن للدولار أن يقف عنده؟ وبعد، هل يمكن أن تطير أموال صندوق النقد الدولي مع إمكانية تطيير الإنتخابات؟
هذه الاسئلة وأكثر طرحناها على الخبير الإقتصادي عبدالله خزعل.
خزعل وفي حديث لموقع LebanonOn، لفت إلى أنه "تشكل فريق عمل لبناني من أجل بدء التفاوض مع صندوق النقد، والفرق بين الفترة الماضية واليوم أنّ الحكومة السابقة لم تكن تتفاوض على أي شيء ولا كانت بين أيديها أية أوراق أو مستندات".
وأضاف: "الحكومة بدأت تتعاطى بجدية أكثر مع صندوق النقد الدولي، والمشكلة تكمن اليوم في كيفية التعامل مع شروط الصندوق".
وعن شروط صندوق النقد اعتبر أنه "من شبه المستحيل اليوم تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي على الأقل قبل أن تجرى الإنتخابات النيابية، لأنّ هنالك الكثير من البنود التي لا يساوم عليها الصندوق".
وفنّد خزعل شروطًا ثلاثة لصندوق النقد ممكن أن تكون قاسية على لبنان وهي: "أولًا، هيكلة القطاع العام، ما يعني تخفيض حجم وظائف الدولة، وقبل الانتخابات لن يتجرّأ أحد على ذلك، كما ينبغي تخفيض النفقات وضمان زيادة الضرائب في المقابل، وهذا ما لا يمكن للمواطن اللبناني تحمله ولا يتجرّأ المسؤولون على فعله".
وأردف: "ثانيًا، ينبغي إعادة هيكلة القطاع المصرفي وفي الوقت عينه تحميله جزءا من الخسائر. وكما هو معلوم، إنّ القطاع المصرفي ليس راضيًا لكون أصحاب العديد من هذه المصارف هم من السياسيين، وماليًا، آلية العمل ستكون صعبة جدًّا".
وتابع: "ثالثًا، إعادة هيكلة الدين العام، فاليوم ينبغي علينا البدء بالهيركات وتحديد خسائر الدولة الكاسرة، وخسائر القطاع المصرفي وتحديد حجم اموال خزينة الدولة، ويجب أن يُخفّض الدين العام الى ما يقل عن الـ100% وهذا ما لا يمكن تنفيذه واللائحة تطول، ولا يمكن للناس غضّ النظر عنها".
وأشار خزعل إلى أنّ "الفريق الحالي لن يستطيع أن يتفاوض مع صندوق النقد الدولي وينفذ شروطه. ولا مجال إلى التفاوض إلا بعد الإنتخابات".
وعن السيناريو المنتظر، أوضح أن "الأزمة التي نواجهها بالإضافة إلى أزمة الخليج، تشي بأننا ذاهبون إلى الأخطر".
وشدد على أنّ "أسلوب تعاطي المملكة العربية السعودية ودول الخليج مع لبنان، أشبه بالحصار الذي حلّ بقطر منذ سنتين أو ثلاث، واليوم ذاهبون إلى السنياريو القطري، والحصار آتٍ لا محالة، ويبدو أنّ القرار متخذ سابقًا في هذا الإطار، ولا نستطيع أن ننهض بمفردنا".
وأكمل: "ما يحدث اليوم لا يبعث البتة بالتفاؤل".
هذا وأشار خزعل، إلى أنّ "الخليج هو أكبر ممول لصندوق النقد الدولي الذي يعول عليه بالأساس كأكبر مصدر للتمويل، وإن رفضت الدول العربية تمويل صندوق النقد الدولي فستصبح خياراتنا أصعب". وقال: "نحن في موقف صعب وهذا ما سيؤثر على وضعنا".
وذكّر بأنّ "الحكومة الحالية قالت في بيانها الوزاري بضرورة الذهاب إلى صندوق النقد الدولي، وعلينا المباشرة بالإصلاحات من أجل الحصول على الأموال منه وما نفعله اليوم هو العكس"، مشيرا إلى أنّ "الحكومة اليوم خسرت التمويل الذي وعدت به من فرنسا".
وعمّا إذا كان هنالك مساومة وصلت إلى حدّ الاختيار بين إستقالة قرداحي أو أموال صندوق النقد، رأى أنّ "استقالة قرداحي لن تحلّ المشكلة مع الدول الخليجية ولم تكن في الأساس هي المشكلة الاساسية، بل إنّ المسألة هي أنّ الخليجيين أو السعوديين كانوا ينتظرون زلّة واحدة".
وفي ما خصّ سعر صرف الدولار شدد على أن "سعر صرف الدولار مرتبط بالظروف والإنخفاض الطفيف له مرحلي، وإن وصل إلى الـ25000 وما فوق، فسنكون أمام سيناريو خطير لا تحمد عقباه كما سنكون أمام انفجار امني يتمثل بزيادة متسارعة لعمليات النهب والسرقة".