بينما كان يجتمع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بوزير الإعلام جورج قرداحي عصر اليوم في بكركي، أعلنت دولة الإمارات عن سحب كلّ دبلوماسييها من بيروت، وطلبت من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان، وذلك تضامنا مع السعودية. تصريحات قرداحي الذي خرج من بكركي من دون الإدلاء بأيّ تصريح عمّقت القطيعة بين دول الخليج ولبنان ولو عن غير قصد، حتّى أنّ البعض منها شكّل مفاجأة في سلك مسار القطيعة الدبلوماسية مع لبنان، أبرزها دولة الكويت. القرار السعودي والخليجي ربّما لم يفاجئ البعض، لكنّه بحسب الكاتب السياسي جوني منيّر أبعد من تصريحات قرداحي.
ويؤكّد منيّر في حديثه لموقع LebanonOn أنّ "تصريحات قرداحي هي الذريعة لتنفيذ برنامج سعودي تصاعدي بوجه لبنان، من قطع علاقات دبلوماسية، إلى الطلب من الدول الخليجية الأخرى السير بنفس النهج، فالذهاب بإتجاه خطوات أخرى".
ويرى منيّر أنّ "ما تقوم به دول الخليج بحق لبنان لن يتمّ حلّه قبل نهاية العهد، فالإجراءات طويلة الأمد، ولن تنتهي في خلال أسبوع، وأعتقد أنّها باقية حتى نهاية العهد"، معتبرا أنّ "للكويت بشكل عام وضع خاص في العلاقة مع لبنان، فهي مستقلة قليلا عن أي قرار خليجي كبير، لكن بما أنّها إلتحقت بالقرار السعودي، فهذا يعني أنّ دولا خليجية أخرى ستُقدم على هذه الخطوات".
وأشار منيّر أنّ "ما يحصل له علاقة بالصورة العامة بين السعودية وايران وطبعا حزب الله في لبنان".
وعن التخوّف من تضامن دول غير خليجية مع السعودية، وإقدامها على خطوات مماثلة كمصر مثلا التي تجمعها بالسعودية علاقة جيّدة، يشدّد منيّر على انّ "مصر معنية جدّا بالساحة اللبنانية وحساباتها مختلفة تماما، لذلك أستبعد أن تقدم على أي خطوة في مسار قطع العلاقات الدبلوماسية مع لبنان"، لافتا إلى أنّ "مصر معنيّة ان تكون البديل للفراغ السعودي في لبنان بالنسبة للسُنّة".
من ناحية أخرى، هل حوّلت السعودية ومعها دول الخليج من خلال هذا الحصار الدبلوماسي والإقتصادي، لبنان الى ورقة تفاوض على طاولة المفاوضات مع إيران؟
يجيب الصحافي جوني منيّر، ويقول: "السعودية تضغط على الحكومة لأنّها ترى أنّ الثقل فيها هو لحزب الله، وهي بالتالي تضغط على هذا الواقع، وتريد بالدرجة الأولى أن توضح وتبرهن أنّها رافضة لحكومة ميقاتي".
ويتابع: "المملكة تنظر إلى لبنان على أنّه في قبضة حزب الله، بدءا من رئاسة الجمهورية، إلى قرارات السلطة التنفيذية، والأكثرية النيابية في البرلمان، إذ هي تشتبك مع الحزب من بعيد، بالإضافة إلى نظرتها الى الصراع مع ايران في المنطقة، بالرغم من ان المفاوضات تجري بشكل جيّد".
ويضيف: "المسألة تتّجه إلى مزيد من التشدّد، خصوصا أن ما يحصل في المنطقة وفي اليمن تحديدا لا يبشّر كثيرا بالخير، ولا يمنع من تفجّر الوضع على الساحة اللبنانية".
وفي الحديث عن السبب الذي يمنع إيران من إتخاذ خطوات مماثلة بحق لبنان، خصوصا وأنّ تصريحات معادية كثيرة خرجت من وزراء لبنانيين، وحتى على لسان رؤساء حكومات في السنوات الأخيرة، فيعتبر منيّر أنّ "المسألة مختلفة من ناحية إيران، فهي أبعد من أن تقطع علاقتها مع لبنان ومع حزب الله تحديدا، وهي ترى بذلك إنتصارا للسعودية".
وبالرغم من طمأنة السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري في تغريدة عبر حسابه على "تويتر"، عن مصير اللبنانيين العاملين في الخليج، بعد الأزمة التي فجّرتها تصريحات قرداحي، يرى منيّر أنّ "الوضع اليوم ليس كما قبل، وأشكّ أن تكون كل الجالية اللبنانية بمنأى عن تدابير معيّنة".
ويختم قائلا: "صحيح أنّه من ناحية المبدأ لم تتبنّ الخارجية السعودية طرد اللبنانيين المقيمين لديها، لكن قد يجري إبعاد عدد من الأشخاص أو العائلات من السعودية او البحرين".