أصدر قسم صحة المنافذ ومراقبة الأغذية في وزارة الصحة القطرية منذ يومين قرارا بمنع إستيراد العديد من الخضروات اللبنانية، وذلك إبتداء من 7 تشرين الثاني المقبل، نظرًا لإرتفاع نسبة المبيدات والرصاص، ولوجود نسبة تلوّث كبيرة من بكتيريا الـ"إيكولاي". وسيتمّ وفق القرار منع إدخال النعناع والبقدونس والكزبرة والبقلة والزعتر والملوخية اللبنانية بعد أن خضعت عيّنات منها لتحليل في خلال الأشهر الماضية.
فماذا يعني أن خضار لبنان الورقية ملوّثة ببكتيريا الـ"إيكولاي"؟
موقع LebanonOn تواصل مع البروفيسور في علم الجراثيم محمود حلبلب الذي يؤكّد أنّ مصدر الـ"إيكولاي" غالبا هو الإنسان، حيث تتواجد في براز البشر؛ وإنّ وجود الإيكولاي يعني أنّ هناك خطر وجود ميكروبات كثيرة مثل السلمونيلا".
ويشرح حلبلب أنّ هناك عدة طرق لإنتقال بكتيريا الـ"إيكولاي"، ويفنّدها على الشكل التالي: "غسيل الخضار بمياه ملوثة، ريّ الخضار من مياه المجارير أو مياه ملوثة ببقايا خروج الإنسان. كما يلعب مستوى النظافة لدى من يتعاطى عن قرب بالخضار، دورا إضافيا في نقل هذه البكتيريا، حيث إذا إستخدم أحد العمال الحمام، ولم يغسل يديه جيّدا بعدها، يمكن أن تنتقل الـ"إيكولاي" من الشخص إلى الخضار".
ويتابع: "لو وُجدت درجات قليلة من الإيكولاي في المياه، فهذا يعني أنّها غير صالحة للشرب"، مذكّرا أنّ "الجهاز الهضمي للإنسان يحتوي على ما لا يقلّ عن كيلوغرام واحد من الميكروبات، وبالتالي إنّ الإيكولاي موجودة في الجهاز الهضمي لدى كل إنسان موجود على سطح الأرض".
ويضيف حلبلب: "أتصوّر أنّ مصدر بكتيريا الإيكولاي في الخضراوات الورقية المصدّرة إلى قطر هو الصرف الصحي". ويقول أنّه "يمكن تعقيم الخضار في حال تعرّضها لمياه الصرف الصحي"، لافتا إلى أنّ "الإيكولاي لا تتسرّب إلى داخل الخضار، إنمّا تبقى على الأسطح الخارجية. فنظام الغذاء لدى النباتات يقوم على نظام الجذور التي تفلتر الميكروبات، ويدخل إليها المياه والمعادن الأمينية".
وعمّا إذا كان على دولة قطر اللجوء إلى تعقيم الخضراوات اللبنانية، يرى حلبلب أنّ "الخطأ يكمن في المصدر، وإصلاح الوضع يقع على عاتقه أي على الجهات اللبنانية وليس على الجهات المستوردة في قطر".
ويشدّد البروفيسور حلبلب على أنّ "الإيكولاي هي مؤشر لوجود بقايا خروج الإنسان في المياه او الخضار وحتى اللحوم، ووجودها يعكس وجود ميكروبات قد تكون خطيرة جدا، وهذه النقطة الأهمّ في الموضوع. وبالرغم من أنّ هذه البكتيريا والميكروبات المترافقة معها تبقى على أسطح الخضار، إلّا أنّ الخطورة تكمن بأنّ الخضار تؤكل نيئة على عكس اللحوم التي تتعرّض لحرارة عالية أثناء الطهي".
وهنا لا بدّ من الإشارة، إلى أنّ الخطر لا يكمن بالضرورة في وجود الايكولاي مباشرة على أسطح الخضار، وإنّما بطريقة غير مباشرة، عبر إمكانية وجود جراثيم خطيرة تسبّب أمراضا عند الأشخاص، وفي طليعتها التيفوئيد، دائما وفق حلبلب.
وإستذكر حلبلب في سياق حديثه لموقعنا، دراسة أجراها قبل سنوات إستهدفت الخسّ والبقدونس، كونهما الأكثر إستهلاكا في المطبخ اللبناني، وأُخذت أكثر من عيّنة من السوق اللبناني، مزروعة في الأراضي على جانبي اللّيطاني، حيث تمّ ايجاد نسبة عالية ملوّثة بـ"الإيكولاي".
ويضيف: "وجدنا أنّ 40% من العينات تحتوي على microbe staphylococcus aureus أيّ البكتيريا العنقودية الذهبية، والأكيد اليوم، إنّ الوضع أسوء مِن ما كان عليه".
ويختم حلبلب حديثه: "مياه المجارير تشكّل غذاء للنباتات لأنّها تحتوي على مواد عضوية، وتستفيد منها المزروعات، لكنّها غير صحيّة من الناحية الميكروبية أو الميكروبيولوجية، وبالتالي الخطر يكمن بنقل الأمراض إليها وإلى الإنسان".